الدكتور أحمد يعقوب المازمي
Wed, 3 December 2025
الدكتور أحمد يعقوب المازمي مؤرّخ إماراتي وأستاذ مساعد في التاريخ بجامعة الإمارات العربية
المتحدة. وُلد ونشأ في الشارقة، وقد برز باحثًا نشطًا يصل تراث الإمارات الغني
بالسرديات التاريخية العالمية. تمتد رحلته الأكاديمية عبر ثلاث قارات وتعكس شغفًا بإبراز
المنظور الخليجي في صدارة البحث العلمي الدولي. وقد أشاد الزملاء والمراقبون بقدرة المازمي
على "ردم الفجوات في السرديات التاريخية واستخدام منظورٍ خليجي لتحويل البوصلة بعيدًا
عن الروايات الأوروبية" في سرد تاريخ الخليج، وهي سمة تضفي على أعماله تميّزًا وأثرًا
بالغين.
المسيرة الأكاديمية
تُعدّ المسيرة الأكاديمية للدكتور أحمد المازمي ملهمة بقدر ما هي دولية. فقد نال درجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف في الدراسات الدولية من جامعة زايد عام 2015، واضعًا أساسًا متينًا في الشؤون العالمية. وبعدها بوقت قصير حصل على منحة فولبرايت المرموقة لدراسة الأنثروبولوجيا الثقافية في جامعة روتجرز بالولايات المتحدة. وقد أتاح له ذلك عام 2016 استكشاف مقارباتٍ أنثروبولوجيةٍ للتاريخ، مما عمّق نظرته تجاه القصص الإنسانية وراء الأحداث التاريخية. وإلى جانب دراسته، عمل في بدايات مسيرته دليلاً سياحيًا في قطاع التراث بالشارقة، تعبيرًا عن اهتمامٍ مبكرٍ بمشاركة الثقافة والتاريخ مع الجَمهور. كما تدرب لدى برنامَج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، فاكتسب خبرة مباشرة في العمل الإنمائي الدولي. وبناءً على هذه التجارِب، واصل دراسته لنيل الدكتوراه في جامعة برينستون، حيث حصل على درجة الدكتوراه في دراسات الشرق الأدنى عام 2025، وقد نالت أطروحته إشادة واسعة. وفي الواقع، يُعدّ الدكتور المازمي أول إماراتي ينال درجة الدكتوراه من برينستون—وهو ما يشهد لمسيرته الريادية. وبصفته عضوًا في هيئة التدريس بجامعة الإمارات، يعيد الدكتور المازمي هذا الرصيد الدولي الثري إلى وطنه. وتُجسِّد رحلته التزامًا بتسخير المعرفة العالمية لخدمة بلده وطلبته. وفي قاعات الدرس وخارجها، ينهل من تجاربه المتنوعة لإلهام طلبة الجامعة، مبرزًا قيمة البحث العالمي المتجذّر في الهُوِيَّة المحلية.
يرتكز بحث الدكتور المازمي عند تقاطع تاريخ الخليج وعالم المحيط الهندي والأنثروبولوجيا الثقافية. ويركّز على تلاقي الإمبراطورية والمعرفة والقانون—ولا سيّما دور العلوم الفلكية والخيميائية والشبكات الفكرية في العصر الحديث المبكر. ومن خلال ذلك يدرس كيف تنقّلت الأفكار والناس بين الجزيرة العربية وشرق أفريقيا وجنوب آسيا. وتتّسم أعماله البحثية بنهجٍ متعدد التخصصات يمنح صوتًا لمجتمعاتٍ وأنساقٍ معرفيةٍ لم تمثل تمثيلًا كافيًا في تاريخ المنطقة.
الإنجازات والتكريم
حظيت أبحاث الدكتور أحمد المازمي التجريبية بتقدير محلي ودولي. وعلى نحوٍ بارز، فاز في نوفمبر 2025 بجائزة جوين أوكروليك لأفضل أطروحة دكتوراه من رابطة دراسات الخليج وشبه الجزيرة العربية—في سابقةٍ على مستوى الباحثين الإماراتيين—تتويجًا لتميّز أطروحته حول منطقة الخليج. وأشادت لجنة الجائزة بأطروحته بوصفها "أصيلة ومقنعة إلى حدٍّ كبير"، إذ تملأ "فجوةً مهمّة" في كتابة تاريخ الخليج. كما نوّهت إلى أنّ بحثه "محكم الصياغة وواضح التحليل"، ينسج طبقاتٍ عدّة من التاريخ والمعرفة، ويضع جَنُوب شرق الجزيرة العربية في قلب شبكة فكرية واسعة الامتداد. ويؤكد هذا الثناء من الأقران الأثر العميق لعمل المازمي في إعادة تعريف فهمنا لتاريخ المنطقة.
التواصل المجتمعي والإسهامات الثقافية
من سمات مسيرة الدكتور أحمد المازمي إخلاصه للتواصل المجتمعي—فالتاريخ في نظره لا ينبغي أن يبقى حبيس القاعات الأكاديمية، بل يجب أن يُتَداول على نطاقٍ واسعٍ مع المجتمع. ولهذا، يروّج بقوةٍ للتاريخ التفاعلي ويربط البحث العلمي بجمهورٍ أوسع. ولعلّ مثالًا واضحًا على ذلك تأسيسه لبودكاست "عالم المحيط الهندي" على منصة نيو بوكس نتوورك، حيث يدعو المستمعين حول العالم للاطلاع على أحدث الأبحاث والقصص المتصلة بالمحيط الهندي. ومن خلال الحوارات والنقاشات، يقدّم المازمي محادثاتٍ علمية بلغةٍ ميسّرة، مجسِّرًا الفجوة بين الأكاديمية والجمهور. وسواء تناول الموضوع التاريخ البيئي لشرق أفريقيا أو شبكات التجارة في بحر العرب، فإن عمله الإذاعي يجعل موضوعاتٍ تاريخية معقدة في متناول المستمعين خارج أسوار الجامعة. كما يسهم الدكتور المازمي في إثراء المعرفة الثقافية عبر تَرْجَمَة أعمالٍ تاريخية مهمة إلى العربية.
وحتى الآن، ترجم خمس مؤلفات أكاديمية إلى العربية. ومن أبرز أعماله نقله إلى العربية لكتاب فهد أحمد بشارة "بحر من الديون: القانون والحياة الاقتصادية في غرب المحيط الهندي،" وذلك بالتعاون مع مشروع كلمة للترجمة في أبوظبي. ومن خلال هذه الجهود، يرفد المازمي المكتبة العربية بمصادر علمية رصينة ويضمن تدفّق المعرفة في كلا الاتجاهين بين اللغات. وكما يؤكد، فإن حركة التَّرْجَمَةً في الخليج جزءٌ من مسعى تاريخي يشجّع على التفاعل وإنتاج المعرفة عبر الثقافات. يبرز الدكتور أحمد يعقوب المازمي كأحد أعمدة هيئة التدريس في جامعة الإمارات، جامعًا بين الصرامة البحثية والروح المجتمعية.
وإن كانت خلفيته الأكاديمية وإنجازاته البحثية لافتة، فإن طريقته الودودة والحماسية في إشراك الآخرين في الموضوعات التي بعشقها لا تقل أهمية. وسواء كان في قاعة محاضرة في العين، أو في أرشيفٍ في زنجبار، أو في استوديو يسجل فيه بودكاست، فإن الدكتور المازمي يجسّد قيم الفضول ومشاركة المعرفة. فهو لا يضيء الماضي فحسب، بل يُلهِم جيلًا جديدًا من الطلبة والباحثين لاستكشاف تاريخ الخليج والإمارات ضمن فضائهما العالمي الأوسع.
هل تجد هذا المحتوى مفيد ؟
Sorry
There is no English content for this page
Sorry
There is a problem in the page you are trying to access.